الغلام العابد ........................
صفحة 1 من اصل 1
الغلام العابد ........................
عن إبراهيم بن المهلب، أبو الأشهب السائح،
قال: رأيت بين الثعلبية والخزيمية غلاماً قائماً يصلي عند بعض الأميال.
قد انقطع عن الناس. فانتظرته حتى قطع صلاته ثم قلت له: ما معك مؤنس؟
قال: بلى. قلت: وأين هو؟
قال: أمامي وخلفي ومعي وعن يميني وعن شمالي وفوقي. فعلمت أن عنده معرفة. قلت: أما معك زاد؟
قال: بلى. قلت: وأين هو؟
قال: الإخلاص لله عز وجل، والتوحيد والإقرار بنبيه صلى الله عليه وسلم وإيمان صادق، وتوكل واثق
. قلت: هل لك في مرافقتي؟
قال: الرفيق يشغل عن الله عز وجل ولا أحب أن أرافق أحداً فأشتغل به عنه طرفة عين فيقطعني عن بعض ما أنا عليه.
قلت: أما تستوحش في هذه البرية وحدك؟
قال: إن الأنس بالله عز وجل قطع عني كل وحشة حتى لو كنت بين السباع ما خفتها ولا استوحشت منها.
قلت: فمن أين تأكل؟
فقال: الذي غذاني في ظلم الأحشاء والأرحام صغيراً قد تكفل برزقي كبيراً.
قلت: ففي أي وقت تجيئك الأسباب؟
قال: لي حد معلوم ووقت مفهوم إذا احتجت إلى الطعام أصبته في أي موضع كنت، وقد علم ما يصلحني وهو غير غافل عني.
قلت: ألك حاجة؟
قال: نعم.
قلت: وما هي؟
قال: إن رأيتني فلا تكلمني ولا تعلم أحداً أنك تعرفني.
قلت: لك ذلك، فهل حاجة غيرها؟
قال: نعم.
قلت: وما هي؟
قال: إن استطعت أن لا تنساني في دعائك عند الشدائد إذا نزلت بك فافعل،
قلت: كيف يدعو مثلي لمثلك وأنت أفضل مني خوفاً وتوكلاً؟
قال: لا تقل هذا إنك قد صليت لله عز وجل وصمت قبلي ولك حق الإسلام والمعرفة الإيمان.
قلت: فإن لي أيضاً حاجة.
قال: وما هي؟
قلت: ادع الله لي.
فقال: حجب الله طرفك عن كل معصية، وألهم قلبك الفكر فيما يرضيه حتى لا يكون لك هم إلا هو
. قلت: يا حبيبي متى ألقاك؟
وأين أطلبك؟
فقال: أما في الدنيا فلا تحدث نفسك بلقائي فيها وأما الآخرة فإنها مجمع المتقين فإياك أن تخالف الله فيما أمرك وندبك إليه،
وإن كنت تبتغي لقائي فاطلبني مع الناظرين إلى الله تبارك وتعالى في زمرتهم.
قلت: وكيف علمت ذاك؟
قال: بغض طرفي له عن كل محرم،
واجتنابي فيه كل منكر ومأثم،
وقد سألته أن يجعل جنتي النظر إليه.
ثم صاح وأقبل يسعى حتى غاب عن بصري.
(( اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه يارب العالمين ))
????- زائر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى